السبت، 26 فبراير 2011

مجلس تحرير = ميزانية أفكار


جورج أنسى

georgeonsy2000@yahoo.com

كثر الحديث هذه الايام عن اختيار وتفعيل مجالس التحرير فى المطبوعات الصادرة عن المؤسسات الصحفية القومية كنوع من تهدئة الامور المشتعلة على خلفية مطالبة غالبية الصحفيين بتنحى رؤساء التحرير اختلافاً معهم فى السياسة التحريرية التى انتهجوها ضد ثورة 25 يناير وما تبعها من تغيير هذه السياسة الى النقيض تماما وهو ما يمثل بالنسبة لغالبية الصحفيين العاملين بها موقفاً غير مهنيا ًومضللاً وركوباً على موجة الثورة !!!

والثابت فى قناعة الجماعة الصحفية أن مجالس التحرير تتشكل دائماً اما من القيادات الصحفية فى ذات المطبوعة أو من شيوخها الذين ينتمون لهذا الاصدار أو تلك ولكنهم تقاعدوا بحكم السن بحيث يكون الهدف الواضح دائماً لدى هذا المجلس هو انتشال المطبوعة من كبوتها أو تفعيل عمل جميع أقسامها لكى تعمل فى منظومة عمل جماعى من أجل النجاح.

وقد اتيحت لى فرصة أن أشهد واحداً من اجتماعات مجلس تحرير صحيفة ( الواشنطن بوست ) اليومية الامريكية الشهيرة خلال الزيارة التى ضمت مجموعة من الصحفيين المصريين للولايات المتحدة الامريكية للتعرف عن قرب على اسلوب عمل العديد الصحف الامريكية الواسعة الانتشار ,وبعيداً عن التفاصيل .. فان اجتماع مجلس التحرير هذا كان بمثابة تجربة مثيرة فهى ترسخ فكرة العمل الجماعى حتى وان اختلف أعضائه فى وجهات النظر المهنية والانسانية على نفس طاولة الاجتماعات .

فهذا المجلس -الذى يتشكل من كل أقسام الجريدة بلا استثناء – يعقد اجتماعين يوميا الاول العاشرة صباحاً والثانى الرابعة عصراً ...وفى الاجتماع الاول يكون لدى كل مشارك ورقة تسمى ( ميزانية) ولكنها ليست متعلقة بالامور المالية بل هى ( ميزانية أفكار) تحدد أمام كل أعضاء المجلس خطة الجريدة لعدد اليوم التالى بحيث يكون هناك فرصة لتكامل عمل أقسام الجريدة المختلفة خاصة اذا كان هناك حدث كبير- وبصفة خاصة الاحداث المحلية التى لها الاولوية فى التغطية الصحفية- وذلك منعاً للتضارب على صفحات الجريدة وفى نفس الوقت يكون الحساب عسيراً اذا كان هناك تخاذلاً أو تضارباً فى المعلومات يهز من مصداقية الجريدة!!

لا أريد أن أضيف كثيراً لتفاصيل هذه الاجتماعات فبامكانك أن تطلق لخيالك العنان لمعرفة لماذا تحقق الصحافة الامريكية عامة نسب توزيع واعلانات عالية ...فهى منظومة متكاملة من العمل الجماعى والتقييم الدائم للعمل فى مراحل عدة والتراجع عن الاخطاء وعدم الاستمرار فيها كنوع من العند واحتكار الصواب أو التعامل بمنطق تخوين البعض والاعتماد على أهل الثقة وتفضيلهم على اهل الخبرة والمهنية, باعتبار أن من ليس معى فى ارائى فهو حتماً ضدى ....فمجلس التحرير هناك هو ( ميزانية أفكار) مفتوحة دون حد أقصى لاى( اعتمادات) فكرية فالكل فى النهاية يريد النجاح .

ليس مطلوباً منا المقارنة بل الاستفادة من فكر وأسلوب لايعتبر عبقرياً أو فلته – كما نقول – ولكن قيمة العمل الجماعى التكاملى هو الاسمى والتى بسببها ينجح الاخرون دائماً ونفشل نحن بجدارة منقطعة النظير !!!

هناك تعليقان (2):

  1. - مقالة رائعة ترسم بوضوح اسباب تاخر صحافتنا المحلية التي تدار بشكل رأسي وليس افقي ، تاتي التعليمات من اعلى وتتدرج لتصل الى اصغر محرر ، وغالبا تعليمات تضع مزيدا من الرقابة الذاتية ، اما الافكار المبتكرة للصحفين فتواجه بحرب وتعسف ، فانت تفكر اذن انت مشروع صحفي لامع وهذه تهمة تعاقب عليها ، لذلك تحول كثير من الصحفيين الى بوسطجية تسجل ما يقوله المصدر وتفرغه على الورق دون وعي ، وتحولت نصف صحفنا الى بوق لمخاطبة شخص واحد او حزب واحد او لجنة سياسات .. فتقدمت صحف الخليج والشام وتراجعت صحفنا.

    ردحذف
  2. صحفنا يجب ان تتغير شكلا ومضمونا وافكارا وصياغة .. عليها ان ترصد تجارب الصحف العريقة في امريكا واوروبا والتي تعتمد المعلومة أكثر من المقالات الانشائية في مخاطبة القراء .. وهذا لا يتحقق الا بالاصرار على حق الصحفي في الحصول على المعلومة ، والغاء العقوبات المقيدة للحريات ، وتغيير رؤساء التحرير الذين لا يواكبون حركة التغيير في المهنة على الاقل ، في الصحف الكبرى يتم اقصاء رئيس التحرير اذا تراجع التوزيع او تراجعت المصداقية او فشل في ادارة الاقسام بروح الفريق ، فيعود رئيس التحرير للعمل في التحرير دون ان يكون ذلك محل دهشة او رفض .

    ردحذف