الاثنين، 21 فبراير 2011

العبور إلى ميدان التحرير


بسنت الزيتونى

مثل كثيرين التزمت منزلى منذ يوم 25 يناير لم أغادره ولم أتطلع إلى الذهاب إلى ميدان التحرير لاستطلاع حرارة الدم المصرى الحر حين ينتقص فى العروق .

مثل كثيرين أثارت السلامة وتأمين طفلاى الصغيران داخل جدران بيتى واكتفيت أن يشارك طفلى الذى لم يتجاوز العاشرة فى اللجان الشعبية التى تقف تحرص عمارتنا وشارعنا، وأمده بالحكايات التى تحمسه وتزرع بداخله رجولة مهمة له و لنا فى المرحلة القادمة .

فى أول يوم استطعت أن أنزل لممارسة حياتى الطبيعية والتوجه إلى عملى بشارع قصر العينى المؤدى إلى ميدان التحرير وجدتنى أقرر الذهاب إلى ميدان التحرير لأشارك ربما، لأكتشف ربما أيضًا لكن الأكيد أننى كنت أريد أن أتيقن ما هو الوقود بداخل ميدان التحرير لهذا الصمود الذى اعترف أننى كنت أرى أنه زاد وفاق كل التوقعات وبمجرد أن بدأت اقترب من الميدان ترافقنى زميلتى وصديقتى جيهان أبو العلا حتى بدأت أتيقن من السبب الحقيقى لهذا الصمود والصلابة فى ميدان التحرير الشعب لا يتنفس أكسجين فتركيبة الهواء هناك اختلفت وأصبحت «حرية» و«مساواة» و«مشاركة حقيقية»

لقد اشتاقت الأنفاس إلى الحرية، وضاقت النفوس بعدم المساواة والظلم والتهميش للبشر

لقد وجد الشعب ضالته فى «المشاركة الحقيقية» البنت بجوار الولد والمسيحى يساند المسلم وأصحاب الذقون مع شباب الفيس بوك المتهمين دائمًا ومسبٍقًا بأنهم «شباب فافى»

فى ميدان التحرير حيث الحرية والعدل والمساواة، حيث التفاف الكل فى خدمة الكل وليس التفاف الكل لخدمة مجموعة محددة وبعينها .

فى ميدان التحرير الهم يصغر لأنه ينقسم على الموجودين يتشارك الجميع فرحهم وحزنهم

قلبك ينخلع حين ترى شاب فى عمر الزهور أصبح شهيد وكل ذنبه أنه لم يكتف بفعل الحلم بالحرية لكنه تمسك بالجسارة التى افتقدناها فتبلدت مشاعرنا ولم يدخل نفسه فى حسابات دوامة الحياة اليومية، فأثقلته بالحسابات والتقديرات وأحالته لتنهيدة وصمت موحش كسى على حالتنا النفسية إنكسارًا وحرة

بقلب أم أدعو بالصبر لكل أم سقط ابنها شهيدًا وأدعو للمصريين جميعًا أن لا يصبروا ولا يتوانوا ولا يطفئوا نور إنسانيتهم وكرامتهم التى اشتعلت مع أحداث يناير اليوم الذى سجل ملحمة عبور جديدة

أدعو الله ألا ينفذ رصيد المصريين من الصمود والجلد أو من الوقود الذى شممته فى سماء ميدان التحرير أقصد ميدان الحرية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق