الاثنين، 21 فبراير 2011

جريمة اسمها ...عفا الله عما سلف !!


أمل فوزي

دعونا لا نقع في الفخ المنصوب الذي يحاول أن يوقعنا فيه المغرضون أو المنتفعون أو حتى الجهلاء الغافلون أو الطيبون بطبيعتهم ...لن أدخل في " معمعة " التفاصيل غير المجدية ، ولكن الأهم أن نعي الآن أن هناك محاولة لجرجرة الشعب – الشعب الذي اخيراً وجد نفسه وهويته ، وجد ضالته في أن يقف على أرض بلده وهو يصدق بالفعل أنها بلده وأنه صاحب هذا البلد ، تعلو بعض الأصوات – أياً كانت نواياها وأغراضها أن تكرس معنى اسمه " عفا الله عما سلف " ..

لم يعد التسامح مع من سرق وقتل ونهب ونهش دماء هذا الشعب خياراً مطروحاً ، ولم يعد التسامح فضيلة علينا ان نلصقها لدين او لإنسانية ...بل إنها كارثة محققة تقودنا إلى إعادة تخليق فساد آخر ، وظلم آخر أكثر وحشية ، وإرادة مهترئة لا تعرف كيف تتم مسئوليتها .

" عفا الله عما سلف " ...قنبلة موقوتة لا تقل خطراً عن خطر العشوائيات أو الأنفلات الأمني ..إنها القنبلة التي ستنفجر هذه المرة في وجوهنا بلاهوادة .

أرى عن بعد وعن قرب " مسرحيات " تدار سواء بقصد أو بجهل تطرح نفس المعنى " عفا الله عما سلف " لإزاحة الشعب عن السير في طريق مطالبه بحقوقه .

لاتسامح في دماء شهداء الثورة الذين لا يقل عددهم عن 722 شهيداً ، هذا بالإضافة إلى المفقودين وغير المتعرف عليهم ، لا تسامح ولا عفو في جريمة محكمة ومحبوكة بمنتهى الوحشية أدارها من كان يمثل اكبر سلطة في هذا البلد ، ثم يخرج ليتغنى بأنه باق للحفاظ على أمن وعلى مستقبل هذا البلد .

لا تسامح في رصاص حي " محظور دولياً " تم قتل الشباب الأبرياء " العزل " به مع سبق الإصرار والترصد لا تسامح مع من سرق من أموال وأحلام ونهش لقمة العيش من مائدة " الغلابة " ليعطي مفسدي هذا البلد وناهبي خيراته .

لا تسامح مع من سرق 16 مليون فدان من أرض مصر ليوزعها على مؤسسة الفساد التي كانت تدير هذا البلد ومازال هناك من هو مستمر في إدارتها .

لا تسامح مع من حرم المصريين من أموال تقدر بنحو 800 مليار جنيهاً ثمناً لتلك الأراضى المنهوبة " ..وفق ما أعلنه اللواء مهندس عمر الشوادفى – رئيس جهاز المركز الوطنى لاستخدامات الأراضى.

لا تسامح مع من أحب أن يكون في كنف العدو الإسرائيلي ، يحرم المصري من حقه ليهبه إلى الإسرائيلي ، كيف تتسامح وتعفو عن نظام سلف بارك ودعم تصدير الغاز للإسرائيليين بأقل من سعره ، وهبهم غازاً مدعوماً ،وترك المواطن المصري يصارع من أجل أن يجد أنبوبة البوتاجاز في السوق السوداء التي وصل سعرها يوماً ما إلى خمسين جنيهاً .

لا تسامح مع ميراث طويل من الفساد أغرقنا فيه لدرجة اننا كنا لم نقدر على تذكر وقائع الفساد المتلاحقة ... فقط كنا نتمتع بذاكرة هلامية .

لا تسامح مع نظام وثقافة جعلتنا نصدق بل كدنا نؤمن بأننا شعوب لا تستحق الحرية ولا الكرامة ، لا تسامح مع من أغرقنا في همومنا ، التي أصابتنا بالكعبلة ، فلم نكن قادرين على الوقوف والثبات او حتى الحركة نحو الأمام ..

لا تسامح بكل تأكيد مع لوث وحاول جاهداً تشويه نية وإرادة ذلك الشعب الذي أراد أن يتحرر ويثور بكل المعاني السلمية الراقية ليعبر عن مطالبه " كرامة – حرية – عدالة اجتماعية " فاتهموهم بالعمالة والخيانة وزعزعة أمن البلاد .

لا تسامح مع من حاول تضليل هذا الشعب والراي العام ظناً منه أنه مازال يعمل ويخدم في بلاط النظام الفاسد .

لا تسامح مع من حاول أن يلبس عباءة " النضال " و" الشرف " متوهماً أننا مازلنا مصابون بضياع الذاكرة .

لأننا لا نريد أن نعفو عما سلف أو نتسامح ، علينا أن نرتب أوراقنا الآن ...

اسمع أصواتاً كثيرة تقول ..لا وقت لتصفية الحسابات ..والفرق كبير بين تصفية الحسابات وبين رفض الاستمرار في الزيف والفساد .

الفرق كبير بين أن تختار ان تسلك طريق إرادة الشعب نحو الحرية والعدالة والتطهير ، وليس الترقيع أو التدليس ، حتى لا نعود كما كنا عليه " شبه مجتمع " ، شبه مصريين ، وحتى لا تتحول هذه الثورة التي دفع ثمنها الكثيرون إلى " شبه ثورة " ,,,لن يحدث ذلك إذا أكدنا أن العمل والبناء والتطوير والتكاتف في هذه اللحظات أمور هامة ومصيرية ، ولكنها بكل تأكيد لا تتعارض أو تتنافى ، بل يمكن أن تسير بالتوازي مع فكرة البناء والعمل , التطهير والتطهر أمر يدعم ويفيد البناء لا يعطله، ...كفانا " تلصيم " .

معاً للعمل ..شعار رائع ..علينا جميعاً الخضوع له.

معاً أيضاً للمطالبة بالقصاص من كل من كان له يد في قتل الشهداء ..أمر لابد من حسمه ..

معاً لتطهير المؤسسات والهيئات من الفاسدين والمتحولين والمضللين ..أمر شديد الأهمية أن يتم وفق إجراءات منظمة وممنهجة وموثقة ولابد من الاستجابة الفورية من الجهات المسئولة والختصة ، فهذه النار التي يتهمون أو على أفضل تقدير يلومون بها الشعب في إيقاظها في هذه الفترة الحرجة ، هي النار التي بقرارات ليست صعبة أو مستحيلة يمكنهم إطفائها ، فقد آن الأوان لكي يشعر الشعب بأن النظام والمسئولين يحفظون الولاء له ، وليس أن يشعر المسئول أن الرعية هي التي تحفظ له الولاء والإخلاص .

معاً للعمل من قبل المتخصصين والخبراء والهيئات المعنية بالحصول على معلومات موثقة ومحددة بثروات الشعب التي وضعها الرئيس السابق في خزانات العالم باسمه وباسم عائلته دون وجه حق ، لابد من استعادة هذه الأموال إلى خزانة الدولة ...أموال نحقق بها تعليماً محترماً ، خدمة صحية عادلة وآدمية للمواطن ، مساكن للمشردين ، نهضة زراعية ، مشروعات تحقق أعلى إنتاجية لهذا البلد ، فرص عمل بدلاً من بطالة مكتسحة ....أموال نسدد بها ديون تورطنا فيها بسبب فسادهم .

معاً للتفكير بنفس التلقائية المنظمة عفوياً منذ بداية 25 يناير ..تلك الثورة التي قادتها " روح وإرادة شعب " ...الشعب الذي هتف على قلب رجل واحد : الشعب يريد إسقاط النظام ...بالفعل ..الشعب أراد ..فأسقط النظام ...وهذا هو مفتاح السر عند هذا الشعب الذي أخيراً عاد إلى نفسه وعدنا إليه واصبحنا منه وأصبح معنا ...

الشعب إذا أراد ... فعل المستحيل .

ومازال الشعب يريد اشياء كثيرة ...سيحققها !

للمشاركة : amalfoz@hotmail.com

هناك تعليق واحد:

  1. بصراحة ... نحن شعب "طيب" إلى حدّ العبط الذي يُطمّعْ فينا كل خبيث وماكر , ثم يرجع يَشتَكي ويتأوه ويقول يارب خلِصنا من الظالم ؟؟؟ علينا ألا نخلط "محاسبة المخطئين ... بالعرفان بالجميل" , أي لا يجوز الخلط بين "الثأر والإنتقام" وبين "القِصاص والعقاب" !!!
    وحتى تتحقق المعادلة الصعبة بين فحص البلاغات عن بؤر الفساد في النظام البائد التي تهرب الأموال وتدمر المستندات , وبين التحقيق فيها بعدالة أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته بحكم نهائي , وذلك في ظل إستقرار الإقتصاد في البلد وإدارة عجلة العمل ... إلا بتشكيل " لجان قضائية " نزيهة فوراً , لتلقي وفحص كل البلاغات في سرية كاملة , على أن تكون مُخوّلة بإستصدار قرارات عليا بوضع " حراسات قضائية " شريفة على كافة الشركات أو البنوك أو المصانع المتورطة في هذا الفساد .... وذلك كإجراءات إحترازية قانونية سريعة وهامة للمحافظة على الأدلة من جهة , وعلى إستمرار الإنتاج من جهة أخرى ؟؟؟
    ولما كان الغرم بالغنم .. حاكموا الآن رئيس الدولة المخلوع بوصفه المسئول الأول فيها .. ولكن بالعدل , أي أمام محكمة مدنية ، وليس عسكرية كما اعتاد هو أن يحاكم معارضيه !! ووفقاً للقوانين العادية , وليس الاستثنائية والعرفية كما كان يحاكم خصومه !! حاكموه فوراً على يد قُضاة مستقلين ، وليسوا منحازين وخاضعين للسلطة التنفيذية ويتلقون الأوامروالتوجيهات بالتليفون !! حاكموه علناً بالعقل وليس بالقلب .. فالرئيس ليس الأب أو كبير العائلة , وإنما هو أعلى موظف عام في دولة مؤسساتية ، الموظف فيها يجب أن يخضع للحساب على قدر مركزه ومسئولياته ، دون نظر إلى سِنُه ، أوسيرته الذاتية ، آوبطولاته ..... إلخ , حتى لا نشخصن المسائل ونُخرجها عن سياقها .. بل إن المفترض بالعكس أن تكون هي ظروف مشددة للحساب وعلى قسوة العقاب المنتظر ؟؟؟
    لا أعرف حتى الآن بأي حق يخرج الرجل المعزول من قصر الرئاسة مطروداً على جثث الشهداء وأشلاء المصابين ، ليجلس حتى الآن على الشاطىء في شرم الشيخ في منتجع يعلم الجميع صلته بمالكه ، مستمتعاً بالشمس والهواء ، وكأن شيئاً لم يكن .. كما لو أننا قد منحناه إجازة .. ولم نجبره على التنحي !!! وبعد هذا نتداول أخبار فساده وثرواته الهائلة ، جنباً إلى جنب مع أخبار صحته المتدهورة ، وإصراره على البقاء في المنتجع الساحلي للاستفادة من جوه الصحي !! ولا تحرك هذه الأخبار أي هيئة قضائية رسمية لاستدعائه والتحقيق معه , ودماء الشهداء والمصابين ما زالت ساخنة في ميدان التحرير، ومن أصدر الأوامر بقتلهم لم توجه له حتى الآن تهمة الخيانة العظمى بالتسبب في هذه الجريمة الشنعاء ؟؟؟
    نصيحتي المتواضعة حتى نتقدم وننفض عنا غبار الغباء والعبط إياه .. أرجو من شعبنا العزيز أن يُحَكّمْ عقله قبل عاطفته , ولا يخلِط المفاهيم : فهناك فرق بين أن نحاسب بعضنا بعضاً "بالعدل" , وبين أن ندعو الله أن يحاسبنا "برحمته" .. لسبب واضح قاطع لا يختلف عليه أحد , هو : أننا فقط عبيده ؟؟؟

    ردحذف