الاثنين، 14 فبراير 2011

الأقباط فى الميدان


الأقباط فى الميدان

عبير عطية

الأقباط فى الميدان مثلهم مثل أخوانهم المسلمين خرجوا للثورة يدهم بيد المسلمين ليطالبوا بحقوقهم وحق الوطن .. خرجوا معا عندما وجد الهدف المشترك .

لكل واحد فى الميدان .. كانن له تجربة خاصة .. هذه بعض التجارب من ميدان الثورة .

· آسف بحبك يا مصر :

الفنان ايمن منصور كان له تجربة منفردة مع ثورة الميدان والأعلام . قال لى : قررت الاشتراك فى مظاهرات 25 يناير عندما دعيت إليها من قبل أصدقاء ، فهذا حلم يراودنى منذ سبع سنوات .. كنا نريد عمل شيء كبير نعبر فيه عن رأينا فى النظام . ولكننى فوجئت بما حدث من بلطجة وتخريب فى أيام الخميس والجمعة ، وقد شاهدت تكسير المحال والمتاجر ونهب أموال الناس الفقراء فشعت أن هؤلاء البلطجية استغلوا المظاهرات السلمية ومطالبنا الشرعية في مزيد من السرقة ، فقررت أن أتوقف عن المشاركة بالانتخابات وبدأت أتابع المظاهرات فى التحرير من بعيد ، أذهب أحيانا كزائر ، وأتابع ما يصدر عن الإعلام المصرى ، وبعض الفضائيات المصرية فزاد هذا من كرهى للثورة وخدعت وشعرت بأن الثورة كانت حقيقية ولكن اندس عليها من سرقها ، ولكن أصدقائى كانوا ينقلون لى صورة مختلفة عما يحدث فى التلفزيون المصرى فبدأت أشاهد قنوات أخرى مثل الجزيرة ، ولكن هذا زاد من ابتعادى عن الميدان ، وقررت مشاهدة رسائل زملائى على الـ ( فيس بوك ) من فيديوهات مصورة ووجدت أن هناك شباب يموت من أجل حريتى وآخرون ما زالوا صامدون .. فبكيت ليلة بأكملها وقررت العودة للميدان ، وكنت أجلس بمفردى وأصلى أن يغفر الله لى ما فعلته وكتبت على صفحتى على الـ ( فيس بوك ) أنا آسف .. آسف بحبك يا مصر .. وكتبت رسالة للرئيس قلت فيها : ( لن أسمح لك يا ريس تقتل حد تانى ) .

· جون صموئيل ، خرج فى الثورة أيضا فى يوم 25 يناير فى المظاهرات التى تجمعت من شبرا فى طريها إلى ميدان التحرير

قال : " لم أكن أهتم بالسياسة إلى وقت قريب ولكننى شاركت فقط فى انتخابات مجلس الشعب الدورة الماضية ، وبالطبع لم ينجح من قمت بترشيحه ، ولكن عرفت من وسائل الإعلام حجم التزوير الذى حدث فى تلك الانتخابات ، وكنت أتمنى أن أجد وسيلة لتغيير ذلك ، ووجدتها فى الثورة السلمية . أنا لم أعتقد أن الأمر يمكن أن ينتهى بتغيير النظام كله ولكن تعامل النظام السابق معنا والعدوان الذى حدث على أهالينا فى البيوت والحرائق التى حدثت فى المؤسسات العامة وخاصة المتحف المصرى جعلنا أكثر إصرارا وعنادا لتحقيق مطالبنا ، ولكن لم يكن لدينا ثقة فى التفاوض مع النظام ، كنا نخشى أن يكون النظام يعمل على كسب الوقت للانقضاض علينا فيما بعد .. ولكننا لم نكن لننجح بدون خروج الجماهير بجانبنا .. وما سأفعله الآن سأثقف نفسى سياسيا ولن أستسلم لأى سلبيات ، لأن سلبيتنا هى التى جعلتنا نصنع الديكتاتور .. وسأحاول أن اشترك فى العمل الاجتماعى ، وسأقوم بعمل جمعية لمساعدة الشحاذين من أجل أن يكون لهم مهنة ودخل ثابت .

· كلنا خالد سعيد :

كلنا خالد سعيد .. هكذا قال لى " مينا فايق " الذى اشترك فى مظاهرات 25 يناير من خلال الدعوة على موقع ( كلنا خالد سعيد ) وأكد لى أنها المرة الاولى التى يشترك فيها فى مظاهرة ولكنه كان يتابع الموقع ، ودعوته الأولى للوقفات السلمية فى الإسكندرية للحداد على شهداء كنيسة القديسين .. وخاصة أنه اقتنع بالمطالب التى يطالب بها الشباب ، واكتشفت فى المظاهرة الأولى أن آلاف من الشباب انضمت إلينا ، وكان تعامل الشرطة فى البداية " راق " ولكنهم كانوا يهدفون لوقف تجمعنا فى ميدان التحرير ، ثم بعد ذلك تم إلقاء القنابل المسيلة للدموع وفتح خراطيم المياه . وقررت الاستمرار فى الاعتصام فى ميدان التحرير ، خاصة أن أحد أصدقائنا قتل على يد الشرطة وهو أحمد بسيونى .. لكن الأوقات الصعبة التى عشناها جعلتنا نعيد أمجاد حرب اكتوبر التى سمعنا عنها من أباءنا ، لأننا كنا نموت ونواجه الموت مسيحيين ومسلمين لا يعر ف أحدنا ديانة من يقف بجانبه ولا يفكر فى ذلك .. بل جميعنا مصريون وأرجو ألا يشيروا إلى هذه الأمور مرة أخرى . لا نريد أن نعود إلى تلك الأيام السوداء ، ونحن فى الميدان لم يطلق أحد شعارات دينية ولم يستجب أحد لها ، وكنا نهتف خلف من يرفع شعار الدينين معا ( الهلال والصليب ) وما عدا ذلك لا نتجاوب معه .

· مشروعية الأخوان :

لوسى صبحى لم تشارك فى مظاهرات 25يناير ولم تذهب إلى ( الميدان ) إلا يوما واحد فقط من أجل ابنتها الرضيعة ولكنها تعتبر نفسها واحدة من الذين شاركوا فى الثورة من خلال مناقشاتها على الـ ( الفيس بوك ) مع الشباب الرافضين للثورة طوال 18 يوما وهو ما وصفته بـ ( ثورة الفيس بوك ) قالت لى : " أنا سيدة عادية كنت أخشى من ( تخريب مصر ) وكنت أخشى أن السلفيين الإسلاميين أو الأخوان يقوموا بتفجير الكنائس ، ولكن ما حدث غير لى حياتى وطريقة تفكيرى ، لأن المسلمين هم الذين حموا الكنائس .. والشباب المسيحيين والمسلمين هم الذين وقفوا معا لحماية المنازل بعد انسحاب الشرطة ، وعلى الـ ( الفيس بوك ) كنا على أرض الواقع عندما وجد الهدف زالت كل الفوارق .. فكنت أجد صور لفتاة منقبة تحتضن فتاة مسيحية وكنت أرى صورة شاب ملتحى يغنى لمصر مع فتاة غير محجبة. لم يعد يخيفنى التغيير فى مصر لأنه البديل لنظام مبارك حدث ولم يأتى الإخوان .. وهم أيضا يجب أن تتاح لهم فرصة التعبير عن آرائهم ما داموا لن يؤثروا على حريتى أنا أيضا فى التعبير .. فالثورة قامت وكانت ليبرالية ونجحنا جميعا .. ولو كانوا يستطيعون فعلها منفردين كانوا قاموا بها . هذه هى الأفكار التى كنت أناقش بها من كانوا يخشون نجاح الثورة ولكن أصعب رأى تناقشت معه كان أحد الشباب الذى اقتنع بأن أصحاب تلك الثورة يدبرون مؤامرة ضد مصر وشعبها .. وعندما نجحت الثورة قلت له : ( هيا بنا لبناء مصر ) " .

· مى ورامى وخطوبة فى الميدان :

رامى جميل ومى الخراط .. تمت خطبتهما قبل الثورة بأشهر قليلة ، رامى طبيب سكندرى ، مى قاهرية .. ولكنها مهتمة بالنشاط الحقوقى وتحقيق العدالة الاجتماعية ، ولذلك قررت المشاركة فى المظاهرات منذ يومها الأول ، لكن رامى رفض لأن عائلته تعتبر المظاهرات أسلوب غير راق للتعبير ، ولكن هى أقنعته وتركته يفكر ويقرر قبل المظاهرات بيومين ، ثم وجدته أمامها يقول لها : " فكرت وقررت صحبتك فى المظاهرات .. لأننى أعتقد أنه سيكون يوم تاريخى وسنذكره ونحكيه لأولادنا " ، هذا ما قاله لى رامى – أضاف بأنه لديه احساس داخلى بأنه يشارك فى تغيير السلبيات داخل الوطن ، رغم أنه نائب فى كلية طب جامعة الإسكندرية ، إلا أن التجاوزات من واسطة ورشوة وغير ذلك جعلته يفكر فى الهجرة وكل من حوله كانوا يقترحون عليه ذلك ، ولكنه كان يصارع لأنه يريد العيش فى مصر . قال عشنا أنا ومى أسعد اللحظات وأصعبها معا فى الميدان ، حررنا مشاعرنا ، وحررنا الوطن . وأصبح لنا أصدقاء كثيرين ومختلفين من كل الطبقات والفئات العمرية ، ولكن أفضل تجربة هى الدراسة البحثية فى الإنجيل التى قمت بإعدادها مع والد خطيبتى لإقناع المسيحيين المتدينين بأن السلبية السياسية ليست من المسيحية فى شيء .. وعن صورنا أنا ومى فى الميدان فوضعناها على الـ ( الفيس بوك ) ليراها أطفالنا فيما بعد " .

· قداس الثورة حلال :

د. إيهاب الخراط .. طبيب نفسى وناشط حقوقى وأحد قادة الكنيسة الإنجيلية ، حكى لى تجربته فى أيام الثورة قائلا : " كنت خارج مصر ولم أعرف بميعاد مظاهرات 25 يناير إلا من أبنائى الذين قرروا المشاركة فى المظاهرات مع والدتهم ، واشتركت فى يوم جمعة الغضب مع الأولاد ، وتعرضوا لهجوم الشرطة أحدهم تم احتجازه فى روض الفرج وأنكروا وجوده وتم ترحيله إلى أحد معسكرات الأمن المركزى لمدة 24 ساعة وابنى الآخر تعرض للضرب المبرح مثله مثل كثيرين ، أما أنا وصديقى دانييل القط فكنا نعد وحدة إسعافية وتم احتجازنا ومحاصرتنا ونحن بحوزتنا الأدوية .. فما كان منى إلا أن استعنت بخبرتى القديمة فى مظاهرات الجامعة للهروب من حصار الأمن واستطعنا إسعاف المصابين .. وفى يوم الأحد والجمعة التى أعقبتها دعانا أخوتنا المسلمين لإقامة صلاة مشتركة لنثبت للعالم كله أن المصريين يعيشون فى سلام مسلمين ومسيحيين وأن هذه ثورة شعبية ليبرالية ، تعبر عن جميع المصريين ، فقمنا بالصلاة وقراءة آيات من الإنجيل واشتركنا وأخوتنا المسلمين فى ترديد الترانيم ( التسابيح لله ) وهذا ليس قداس بالمعنى الحقيقى لأن القداس يكون فى الكنيسة .. ولكن طبعا لتعاليم المسيحية يجب أن نصلى فى كل وقت وفى كل مكان .. وهو ما فعلناه .. فقمت بالصلاة يوم الأحد مرتين ويوم صلاة ذكرى شهداء كنيسة القديسين وشاركنا فى ذلك مجدى كامل عضو مجلس فى كنيسة أرثوذوكسية ، وعادل أنس من قادة الكنيسة الكاثوليكية .. ولم يستطع أحد أن يفصل المسيحيين عن أخوانهم المسلمين فى ثورة الوطن .. واختلطت دماء الشهداء مسلمين ومسيحيين " .


· وماذا بعد الثورة :

فكتورين جمال .. هى سيدة فى الثلاثين قالت لى : " شاركت فى الثورة ( بالصلاة ) لم يكن باستطاعتى الذهاب للميدان ، ولكننى كنت أريد فعل شيء أنا مسئولة عن فريق للتمثيل داخل الكنيسة كله من الشباب ، وأغلبهم كانوا فى الميدان وينقلون لى الصورة هناك بعيدا عن الإعلام ( المشوش ) .. سواء المصرى المضاد للثورة أو الفضائيات التى لكل منها أجندة إلا القليل ، ولذلك قررت أن أفعل أمرين عندما أعلنت الكنائس ( الصلاة من أجل أمن الوطن ) كنت أذهب يوميا مع عدد من سيدات البيوت للدعاء لله لنجاح الثورة وأمن الوطن ، وقمت أيضا بعمل مدونة على الـ ( الفيس بوك ) لأدعو من خلالها الشباب لتكوين حزب ديموقراطى لمنافسة الحزب الوطنى قبل أن ( يحل ) أو نسمع عن الاستقالات الجماعية لأعضائه .. كنت أريد امتداد الثورة لتغيير حياتنا السياسية والاجتماعية ، وكانت قد أوحت لى بالفكرة صديقة .. وبالفعل استجاب لى كثير من الشباب وأبدوا استعداداهم للاشتراك بالحزب وطرحوا رؤى لتكن حياتنا أفضل فيما بعد " .

الكاتبة الصحفية ماجدة موريس .. كانت هى الأخرى لها تجربة خاصة مع الثورة ، قالت سمعت عن الثورة من خلال أولادى .. ولكننى اعتدت فى السنوات الأخيرة لخروج المثقفين أو عدد من فئات الشعب فى مظاهرات ، ولم أعول عليها كثيرا وقلت ستنتهى خــــلال يوم أو أكثـــــــــر مثل سابقتيـــها ، ولن يخرج بها إلا عدد قليل ، ولكن بعد جمعة ( الترهيب ) قررت الاشتراك وتأكدت أنها ثورة حقيقية لتغيير وجه مصر ، وأعادتنى تلك الثورة لأيام النضال ، أيام مطالبنا بحرب أكتوبر والعبور ، أيام التحدى الحقيقى وكثيرين من فئات مختلفة من الشعب ذهبوا ليكتشفوا الأمر فى ( الميدان ) فجلسوا مع الثوار مشاركين . الثورة أيضا كشفت لنا معدن شباب مصر الذين طالما ظلمناهم ، ما سأفعله بشكل شخصى بعد الثورة هو العمل على تحرير الإعلام من السياسات الخاطئة ، والتلفزيون المصرى قدم معالجة أقل ما يقال عنها أنها جريمة فى حق الوطن وكذلك أغلب الصحف القومية وهذا ليس عيب من يعملون لأنهم عانوا عصورا من غياب الوعى تحت ظل سياسات تزيف الحقيقة السياسية والاجتماعية ، وترهب الأفراد ذوى الكفاءة المهنية .. ويجب أن يتحرر الإعلام حتى يجد الناس لهم منفذا يعبروا عن رأيهم من خلاله .. وتقطف ثمار الثورة ، فالإعلام والصحافة هم البداية .. وسأقوم بذلك من خلال عمل جماعى منظم أنا وكثير من الزملاء فى الصحافة والإعلام ، وأطالب قيادة الجيش الاستجابة الفورية لتحرير الإعلام والصحافة القومية ".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق