الخميس، 17 فبراير 2011

خبر الخلاص بين السماء والأرض


جيهان أبو العلا

بين السماء والأرض والطائرة محلقة فوق السحاب أشعر عادة بحالة روحانية مختلفة ولاأجد سوى الصلاة والتسبيح والدعاء سبيلا لكى يطوى عنى ساعات السفر وبعد المسافات.. ولأول مرة فى رحلتى الذهاب والعودة

أنسى أبنى فى الدعاء فى هذه الأجواء نعم نسيت أبنى ولم يكن يجرى على لسانى او يتركز فى ذاكرتى أو ينطق به قلبى سوى دعاء واحد يارب الخلاص لمصر.

نعم نسيت أبنى وتذكرت بلدى .. يمكن لأن الخلاص والنجاة لبلدى هو نفسه النجاة والخلاص لأبنى من مستقبل كان مجهولاً بل شديد العتمة

فى رحلة العودة من برلين للقاهرة بعد رحلة لم تستمر سوى اربعة أيام لكنها مرت كأنها أربعة أعوام ركبنا الطائرة صباح الجمعة واللهفة تسبقنى للجلوس بجوار شباك الطائرة لأسرح مع السحاب وأبتهل فى الدعاء

فإذا بأحدى زميلاتى تقول لى على فكرة الطيارة هاتوصل بالليل أثناء حظر التجول والبلد مشتعلة وماحدش عارف الأمور هاتنتهى على أيه ومسلسل البلطجية والحرامية ممكن يتكرر تانى من الأفضل أننا ننتظر فى المطار للصبح وبعدها نروح!

زاد حزنى ..كيف تحول شوقى وفرحتى بعودتى لأرض بلدى الى خوف وفزع ألتفت بوجهى الى السماء باكية وشاكية من ظلم من فى الأرض الذين أوصلونا لهذا الحال وزاد إبتهالى لله عز وجل بالخلاص وأغمضت عيونى على دموعى ورحت فى حالة نوم أكتئابى.. لأصحو فجأة على صوت زميلتى صفاء نوار وخلفها أصوات وحالة أرتباك فى الطائرة والكل واقف من على كراسيه أصحى ياجيهان مبارك تنحى خلاص.. ياه أخيراً ونظرت على الفور الى السماء التى لم ترد الدعاء وشكرتها !

وأستشعر بحرارة غريبة تدب فى بدنى وهو نفس ماحدث لأغلب ركاب الطائرة التى كانت مليئة بالمصريين والعرب وبعض الألمان

الكل يصفق ويهلل وبعض الأردنيين يهنؤنا ويقولون أدعو لنا عقبالنا زيكم

وسيدة مصرية تعيش فى امريكا منذ ثلاثين عاماً لكنها عائدة لمصر تصرخ فينا حد يزغرد حد يزغرد ولم تجد من يجيبها فتنطلق هى بزغرودة جميلة

ترن بين السماء والأرض معلنة عن فرحة المصريين

ليفاجأ الأجانب بهذه الحالة الهستيرية من الفرحة وراحوا يتسائلون ماذا حدث فقلنا لهم فإذا بهم يصفقون وترتسم ملامح الفرحة على وجوههم وهم يتفرسون ملامح فرحتنا وشعرت أن المصريين الموجودين على متن الطائرة هم محط أنظار ومتابعة الأجانب المعروف عنهم أنهم لايتابعون أحد بأنظارهم

تمامأ كما شعرت هذه المرة فى المانيا فقد كنت هناك فى مهمة صحفية وعلمية قابلت فيها كثير من الشخصيات الألمانية علماء وسفراء سابقين ورجال صناعة وأساتذة جامعة وطلبة مصريين دارسين هناك، الملمح الأستقبالى والحديث الدائر كله عن المصريين وثورتهم وحالة الأنبهار بالشعب المصرى المطالب بالحرية والديمقراطية وإسقاط نظام ديكتاتورى فاسد

شعرت أن قامتى تطول عنان السماء بمصريتى فكل من قابلته هناك يهنئنى

هاهى أستاذة من جامعة برلين لم تدع الفرصة عندما رأتنى أعدل طرحة حجابى فى الحمام وأمسكت بيدى لتسألنى أنت من مصر قلت لها نعم قالت لى من ميدان التحرير قلت لها نعم من ميدان التحرير واذا بها تمطرنى بجمل الأطراء والأعجاب ومن ضمن ماقالته لى بالأنجليزية .. أنتم شعب عظيم

وتستحقوا حياة وحرية أفضل واضافت الحقيقة مانراه منكم من دارسين وطلاب علم ونبوغهم وتفوقهم يؤكد لنا أنكم لاتستحقون مايحدث معكم

ومشهد ميدان التحرير مشهد عظيم وكم أنا فخورة بالشابة والسيدة المصرية التى نراها فى الميدان تتظاهر وتعالج وتنظف الحقيقة هى ضربت المثل والقدوة لكل أمرأة فى العالم

ولم تتركنى إلا بعدما قالت لى فى أقرب فرصة أنزل فيها مصرسأزور ميدان

التحريرأو الحرية فالصورة المنقولة الينا عبر الشاشات سوف تجعل من هذا الميدان مزار سياحى هام لنا أن لم يكن للعالم كله

كل من كان يقابلنا يعبرلنا كمصريين يعبر لنا عن دهشته حتى عامل (الكير سرفيس) فى الفندق الذى عادة لايتحدث أذا به يستوقف زميلتى صفاء ليسألها وهو يشير لشاشة التليفزيون وميدان التحرير ويسألها أنت من بلد ميدان التحرير .. وفى حفل رسمى أنشدت فتاة مصرية تدرس الفن الاوبرالى فى جامعة برلين نشيد بلادى بلادى يوم الخميس أى قبل جمعة الخلاص

وسط جموع الحاضرين من المصريين والألمان احتبست الدموع فى المآقى

ولكن الألمان ظلوا يصفقون للنشيد قرابة خمس دقائق متصلة وبكل قوة الألمان المعروفة ..ياه يابلدى حجمك كبير قوى لدى شعوب العالم

لكن للأسف هم الذين كانوا يقزمونها بافعالهم الفاسدة

وجدير بالذكر أن شاشات التليفزيون الألمانى كلها كانت خلفيتها الأساسية على مدار اليوم هو مشهد ميدان التحرير والصحف اليومية على أختلاف أتجاهاتها السياسية ليبرالية ويسارية كانت مصر ومشهد ميدان التحريرمتصدر كل الصحف فى صفحاتها الأولى والتى كان أخر عنوان قرأته عصر الجمعة قبل أن يحدث التنحى هو ( الشعب المصرى هز الفرعون)مع صورة تمثال حجرى لمبارك وقد أصابته الشقوق

وهاهى أنوار القاهرة تلوح فى الأفق وعلى أنغام أغنية الرائعة فيروز راجعين ياهوى راجعين تذاع فى الطائرة

حالة من الحنين والوجد لبلدى لم أشعربها من قبل تتملكنى رغبة شديدة فى أحتضانها

وبالفعل خرجت من المطار لأرتمى فى حضن أحتفالاتها بالنصر

أجواء لم أعشها من قبل ولكنى أعتقد انها تشبه أجواء أنتصار 73

رجعت تانى لينا

أخيرا أستردينا مصر منهم من منا لم يراوده ذلك الأحساس بالتأكيد كلنا وبالذات الشباب الذى جاهد وناضل وأستشهد من أجل أستردادها

منذ إندلاع الثورة وحتى الأن وأنا لا تتردد فى ذاكرتى الغنائية وبالتحديد الأغانى الوطنية سو ى أغنية الرائعة شادية مصر رجعت تانى لينا مصر اليوم فى عيد ...لأول مرة تستوقفنى بل تلامسنى معانيها بهذا الشكل

صحيح غنتها فى ظرف وطنى آخر وهو عودة اراضينا من يد المغتصب والمحتل الأجنبى ورغم إختلاف الظرف ونوعية المحتل الأ أن مصر تحررت أخيراً من الأحتلال أيضاً وما أصعبه إحتلال فالمحتل الأجنبى معروف وسهل إنك تواجهه بسلاحك ولكن أتضح لى أن إحتلال أصحاب السلطة أغبى وأشد ولايخرج أيضاً إلا بالدم!

نعم كان إحتلالاً وليس حكماً ..فمبارك على مدار ثلاثون عاماً ربى قوات كبيرة جداً من الفسدة والمفسدين الذين نهبواوسلبوا الأزاضى زراعية وصحراوية خسروا وباعوا المصانع لأنفسهم تلطخت اياديهم بدماء كثير من الشرفاء والشهداء عاثوا بالفعل فى الأرض فساداً وكأنها غنيمة حرب وليست بلدهم ولم يكتفوا بهذا بل صدروا اوأخفوا أموالهم فى الخارج ..

تماماكما كنا نقرأ عن الأحتلال ونهبه لخيرات بلدنا لصالحهم

مش قلت لكم أحتلال

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق