الثلاثاء، 15 فبراير 2011

والله وعملوها الرجالة


ناهد فريد


ثلاث كلمات فقط كانت كفيلة بنقل بلد بأكلمه من حالة إلى حالة .. ثلاث كلمات ( قرر التخلى عن الرئاسة ) .. انقلب حال دنيا بعدها .. بلا أى مبالغة منى فى هذا الوصف .

هل لازال هنلك أى جديد يمكن أن يقال .. ؟! كان هذا أول سؤال واجهنى عندما بدأت الكتابة .. وأصدقكم القول أن للكتابة اليوم مذاق مختلف لا أتمنى على الله إلا أن يدوم ..

فما أجمل أن تكتب دون أن تحدك خطوط حمراء أو يحدك سقف .. سقف الكتابة الذى كان ينخفض كل يوم أكثر من اليوم الذى قبله .. حتى اختنقنا ..

ومع أن كل ما نكتبه كان مجرد نباح يضيع فى الهواء إلا أن حتى حرية النباح كان سقفها ينخفض وكانت الخطوط الحمراء تتزايد .. فنحن صحيفة حكومية وبناء عليه فحسنى مبارك خط أحمر وجمال مبارك خط أحمر إلى أن أصبح حتى الحديث عن تزوير الانتخابات وما فعله ويفعله الحزب الوطنى أيضا خط أحمر .. وساعتها اخترت التوقف عن الكتابة .. فلا يمكن أن تكون انتخاباتنا مزورة بكل هذا ( الفجر ) بضم الفاء .. وتخرج أى مطبوعة فى البلد لتتحدث عن الإقبال الجماهيرى أو تتحدث عن سعر الطماطم ..!!

توقفت كثيرا إلى أن كدت أنسى حروف الكتابة .

***

فى رقابنا دين لا يمكن أن ينسى للشباب الذى فجر هه الثورة العظيمة ولجيشنا العظيم الذى حمى هذه الثورة وحمانا وحمى أولادنا فى الشارع من السفلة المأجورين والقتلة وسارقى أموالنا .. ولدماء الشهداء التى سالت فى الشوارع لتكتب لنا أجمل قصائد الحرية ..

أما أغرب ما يمكن أن يخطر ببال إنسان .. أننا ندين أيضا للرئيس السابق وأعترف أنه صاحب الفضل فى لفت انتباهى لهذا كان أستاذنا محمد حسنين هيكل فى خلال حواره مع الرائعة منى الشاذلى .. نحن ندين أيضا لحسنى مبارك فيما وصلنا إليه .. فلولا عناده المستمر ما ارتفعت مطالبتنا من ( تغيير .. حرية .. عدالة اجتماعية ) .. إلى شعب يريد إسقاط النظام .. إلى أن سقط النظام .. وانتصرنا ..

صحيح أنه حطم أعصابنا بعناده وتمسكه بالكرسى حتى آخر نفس .. لكن مردود هذا العناد كان نتيجته " الحرية "

***

كان أكثر ما يحزننى كلما نظرت إلى أحفادى هو التفكير فى مستقبلهم .. أى بلد تلك التى سيعيشون فيها .. بلد بلا مستقبل فيه إلا للوصولى والانتهازى .. وإلا لمن يجيد اللعب بالثلاث ورقات .. يجيد فن السرقة والنصب ليضمن له مكان فيها ..

لهذا ساعة سمعت " قرر أن يتخلى " .. ضممتهم إلى صدرى وأنا أبكى " مبروك عليكم بلدكم " .. كانوا كأطفال فى حالة ذهول من الجدة التى حل عليها " الجنان " فجأة .. ولكنى واثقة أنهم بعد سنوات قليلة سيدركون سبب هذه الحالة التى أصابت جدتهم ..

لم أكن أعى ساعة جلاء الاحتلال الإنجليزى عن مصر .. ولكن لا أعتقد أن فرحة الشعب المصرى ساعة جلاء الاحتلال كانت توازى الفرحة التى شملت العالم ساعة رحيل الطبقة الحاكمة التى طبقت على أنفاسنا لما يزيد عن الثلاثين عاما ..

ربنا يديمها علينا نعمة لكن هذه الفرحة لا يجب ألا تنسينا أن هناك مستقبل يفتح ذراعه لهذه البلد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق