الاثنين، 7 مارس 2011

ثقافة الكرسي



ناهد الشافعي


عبثا حاول الدكتور علاء الأسوانى أن يشرح لأحمد شفيق أن رفض المصريين له ليس به أى إساءة لشخصه.. ظل الأسوانى يحاول ولكن لم يفهم شفيق ولن يفهم ،لا هو لا الكثيرين الذين قالوا أن ما فعله الأسوانى تطاول على رئيس الوزراء..

فطوال ثلاثين عاما رسخ النظام السابق ثقافة انفرد بها بين كل أنظمة العالم مفادها أن مجرد تفكير أى شخص فى ترشيح نفسه لأى منصب هو "قلة أدب" لابد من عقاب صاحبها، وأن رفض المرشح الذى يدعمه النظام هو "جليطة" يجب تأديب من يعتنقها..

تعوّد النظام السابق أن "يشرشح" خصومه فى وسائل الإعلام التى يملكها، بأوامر وتعليمات من لجنة سياسات حزبه وطاعة عمياء من رجاله المخلصين له المنتفعين منه..

كل من طرح نفسه ليكون رئيسا أو نقيبا أوحتى غفيرا تعرض للتشويه والإساءة هو وأسرته لإنه لم يحصل عل صك السماح ، وللأسف نجح هذا النظام الفاسد فى فرض هذه الثقافة وكأنها أخلاق حميدة وحسن تربية، ومن يلتزم بها يحترم الكبير ويقدر تاريخه، ومن يخرج عنها يخرج عن العرف والتقاليد

قال الأسوانى لشفيق: أنا أرفضك لأنك من النظام السابق.. رد شفيق: تاريخى ورائى..قال الأسوانى لا أتحدث عن التاريخ وإنما عن مبدأ.. فرد عليه : كيف ترفضنى وقد بنيت المطار وطورت شركة الطيران .. أحمد شفيق كان يرى أن هذه الإنجازات يستحق عليها الاستمرار فى رئاسة وزارة تسيير الأعمال، وغالبا أيضا هو يرى أنها تؤهله لرئاسة الجمهورية، رغم أنه – من وجهة نظرى – عمل يقوم به أى مدير شاطر.. ولكن المهم أن الاندهاش كان باديا على وجه شفيق، لا يصدق أن يرفضه الشعب، وهو الذى تربى وتعوّد على أن مجرد وجوده فى النظام كفيل بتأييد الجماهير.. ولم يصل لذهنه أبدا أن هذا هو أهم أسباب رفض الشعب له.. هذه هى ثقافتهم التى حاولوا لسنوات أن يقنعوا الشعب بها فكانوا هم أول من آمنوا بها.. كذبوا الكذبة وصدقوها، عموما هم أحرار فى أنفسهم، بس يبعدوا عنا

هذه الثقافة لابد أن تتغير الآن، لابد أن نبذل كل جهدنا لتغييرها.. أن يفهم المصريون أن حق كل فرد أن يرشح نفسه لأى منصب وأن من حق الآخر أن يوافق عليه أو يرفضه.. وأن الناجح والراسب قد شاركا فى ترسيخ أسس ديموقراطية سليمة، وأن الفيصل بيننا هو أداء الواصل إلى المنصب، إن أجاد استمر وان فشل يتغير فى الانتخابات القادمة..

- - -

لهذه الدرجة يبدو كرسى السلطة جاذبا ومغريا وأضا قالتلا لكل المبادئ والقناعات.. اندهشت كثيرا للأسماء التى قبلت المشاركة فى وزارة أحمد شفيق المستقيلة.. أسماء مثل الدكتور جودة عبد الخالق، ومحمد الصاوى، وحتى الدكتور يحيى الجمل.. هؤلاء الذين كنت أعتبرهم مثلا يقتدى به، وأنتظر رؤيتهم فى هذه المناصب ولكن فى ظروف مختلفة، هؤلاء الذين كانوا يرفضون النظام السابق – الذى يمثله شفيق – ويصرون على رحيله.. لم يستطع ى منهم أن يرفض كرسى الوزارة حتى ولو جاء فى حكومة كان يرفضها، وحتى لو كان فى وزارة مؤقتة لن تدوم لأكثر من ستة أشهر..

لم قبل هؤلاء الاشتراك فى حكومة شفيق ضد إرادة جموع الشعب المصرى ؟! هل كانوا يأملون أن تكون لهم إنجازات فى هذه الفترة القصيرة تشفع لهم للاستمرا بعد ذلك؟! أم أنهم قالوا فى أنفسهم "وماله، سيظل إسمى بعد ذلك مسبوقا بلقب الوزير السابق"

بصراحة، لم أقتنع أبدا بأى من مبرراتهم التى ساقوها عندما سئلوا لماذا قبلتم الاشتراك فى هذه الوزارة المرفوضة.. ولم يقنعنى إلا فكرة واحدة.. كم هو مغرى هذا الكرسى وهذه السلطة وهذه الأبهة.. حتى ولو كانت لوزير سابق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق