الاثنين، 7 مارس 2011

من منكم بلا خطيئة



كاميليا عتريس

عندما جلست مع بعض شباب ثوار 25 يناير دار بينى وبينهم حوارا صحفيا امتد لأكثر من ثلاث ساعات أحسست بأننى رغم كبر سنى وصغر سنهم أنهم " الأعظم " .. ورغم أننى عندما كنت فى مثل عمرهم عام 1977 فعلت بعض ما فعلوه وكانت نتيجته اعتقالى ..

وعندما كان يتحدث أحدهم ويدلى بشهادته ينتابنى احساس بالفخر والندم .. فخر بهم وندم على عمرنا الذى مضى ونحن لا نملك غير الورق نشكى فيه همنا ( حسب ما يسمح به الرقيب ) أو حجرات مغلقة نتحدث فيها مع بعض الأصدقاء أو الأقارب كلما تقابلنا ونعتقد أننا بهذا طهرنا أنفسنا مما يحدث للبلد من نهب وسرقة واستبعادها إقليميا وعربيا ودوليا حتى أصبحت خارج دائرة الضوء .

وجلس البعض على موائد الحكومة الفاسدة فى مناسبات كثيرة أعياد وأفراح وليالى ملاح ومؤتمرات وهمية .. إلخ .. إلخ .. والبعض انشغل بالمعونات والمنح والجمعيات الأهلية التى لم تقدم شيئا ملموسا للشعب الغلبان مقابل الملايين التى كانت تمنح لهم .. فالفقر اتسعت مساحته والأمية زادت أعدادها ولم تتحسن أحوال الفئة المستهدفة أو التطوير والتنمية من خلال هذه الأموال ؟!!

والبعض الآخر أخذ يبحث عن أدوار وأماكن يحتمى فيها وينقذ نفسه من الجوع والفقر وعندما كان يتنازل بعض الشيئ عن مبادئه كان يجد له مبررا جاهزا لكى يقنع نفسه أنه لم يلوث مثل الآخرين .. والبعض الآخر تلوث رغما عنه فالطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة ..

والسواد الأعظم من الشعب كان لا يدرى ما يحدث حوله وكل منهم يقنع نفسه بالكلمات المأثورة ( الصبر جميل .. والفقراء مصيرهم الجنة واللى يشوف بلاوى الناس تهون عليه بلوته ) إلخ من القناعات التى قنع بها الشعب المصرى على مدى آلاف السنين حتى أصبح القمع والانتحار بأشكاله العديدة ( الفقر والمرض والجهل والذل والهجرة ) هى سمات هذا الشعب .. والجدير بالذكر أن الحكومات كانت تعرف الشعب جيدا (سيكولوجية) بكل طوائفه (مثقفين وعمال وفلاحين وموظفين وأرزقية ) ولذلك كانت ( تتفرعن ) عليه بكل جبروت وقسوة ..

كان هذا المشهد الطويل يدور فى ذهنى وأنا أستمع إلى هؤلاء الثوار وكيف استطاعوا بالإصرار والتحدى تحقيق مطالبهم التى لم تحلم أجيال سابقة بتحقيق ولو حتى جزء قليل جدا منها .

بل اكتفينا بالفرجة والانتظار وجاء شباب يوم 25 يناير الذين لم يتلوثوا بشعارات زائفة وأحلام ضائعة وأدوار مشبوهة وملتوية فحققوا المعجزات ..

ورجاء إلى كل من يحاولون ركوب الموجة ونرى بعضهم يوميا فى وسائل الإعلام يتحدثون عن الثورة ويتغنون بها مؤكدين أنهم لم يتركوا ميدان التحرير ليلة واحدة ( رغم أنهم كانوا ضمن منظومة الفساد فى النظام السابق ) .. وفى نفس الوقت يلقون التهم على كل من يختلف معهم وغاب عن الميدان . أيها السادة ( من منكم بلا خطيئة فليلقى بالحجر ) واتركوا شباب يوم 25 يناير يخططون ثورتهم ويرسمون حياتهم ومستقبل بلادهم بطريقتهم فهم قادرون على ذلك أكثر منكم مليون مرة جميعا .. أرجوكم أعطوهم فرصة حتى يحققوا الأمان والرخاء لمصر وللأجيال القادمة مرة أخرى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق