كان الجميع ينتظرون منه خيراً، وخاصة عندما أعلن عن توليه ملف الإعلام والإشراف على المجلس الأعلى للصحافة، لكنه أبى إلا أن يقدم فاسداً جديداً مهووساً بالسلطة، ووسط صخب وتظاهرات ووقفات احتجاجية، وثورة كاملة في المؤسسات الصحفية على قيادات أدى فسادها لانهيار الصحافة القومية مهنياً واقتصادياً، ولم يكن القرار صعباً على الرجل، خاصة وأن القيادات نفسها كانت تعرف أنها أصبحت منتهية الصلاحية وجلست تنتظر القرار، لكن "جمل الوزارة" قرر أن يكون أسوأ من "جمل ميدان التحرير"، فلا هو تدخل لإصلاح الأمور ولا تركها على حالها، بل وزاد الطين بلّة عندما أعطى غطاءً شرعياً لكل الفساد الموجود في هذه المؤسسات، معتمداً على نصائح الحرس القديم في المجلس الأعلى للصحافة، فجعل من هذا الملف لعبته، مسرباً تصريحات عن تغيرات وشيكة تارة، وبأسماء قيادات مرشحة تارةً أخرى، وفي كل الأحوال كانت النتيجة صفر كبير، وواصل الرجل بتواطئه- الذي كان أسوأ من التواطؤ- نقل المستويات الأعلى على صورة غير ذهنية عن الأوضاع في هذه المؤسسات، ورشح أسماء أقل ما توصف به أنها "خارج الزمن" لقيادة تلك المؤسسات، مدعياً عدم اتفاق أي مطبوعة على اختيار رئيس لها، والنتيجة أن بقي الوضع كما هو بالنسبة للقيادات، وبدأت المؤسسات طريقها للانهيار، ولم يتجمل الرجل من أن يقول للزملاء في التلفزيون ومنهم علي عفيفي وهاله فهمي، عندما طالبوه بإقالة المناوي، "اقتلوه وأطلعكم براءة، لأن قتله أسهل من إقالته"، وهذا الملف هو أول دليل على فساد يحيى الجمل، لكن الرجل أصرّ على أن يعطينا دلائل أخرى، فنائب رئيس الوزراء الذي يفترض به أنه يعمل لدى شعب مصر، رفض هذا الشرف وقال أمام الجميع في الاجتماع المخصص للإعلاميين مع رئيس الوزراء، أنه يعمل عند مجدي الجلاد، رئيس تحرير المصري اليوم، ومن ثمّ أعطانا دليلاً ثالثاً على فساده عندما أصر على مواصلة الكتابة في المصري اليوم، ولم يكتف بذلك بل خصص جزءاً كبيراً من مقاله للدفاع عن رجل الأعمال، نجيب ساويرس، والحديث عن وطنيته مع أن ساويرس- حتى الآن- ليس موضع اتهام، وبكل الأحوال لا يليق برئيس وزراء مصر أن ينصب نفسه مدافعاً عن رجل أعمال مهما كان وصفه، إلا إذا كان في المسألة "إنّ"، واعتقد أنها موجودة.
رابعاً، كنا نتوقع من المناضل الكبير أن يصلح الأوضاع داخل البرلمان، ويقضي على الفساد الذي استشرى بداخله، ولكنه سار على طريقة "يبقى الوضع كما هو عليه"، لدرجة أنه ترك رئيس المجلس السابق الدكتور فتحي سرور، يدير المجلس بشكل فعلي حتى الآن، ويبدو أن الجمل الذي حصل على مواقع كان يشغلها ثلاثة من رموز النظام السابق، وهم: يوسف والي نائب رئيس الوزراء، وصفوت الشريف رئيس المجلس الأعلى للصحافة، ومفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية، غلبته رفاهية تلك المناصب.
وأخيرًا أقول لرئيس الوزراء الذي أكد أنه سيلاحق الفاسدين أينما كانت أماكنهم ومهما كانت شخوصهم،يا دكتور عصام نائبك فاسد بالثلث ومتستر علي الفساد بالكامل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق